شارل العشي لـ"راديو سوا": المسبار كيوريوسيتي سيكون له انعكاسات على حياة البشر

بواسطة Unknown بتاريخ الثلاثاء، 28 أغسطس 2012 | 1:30 م


كد الدكتور شارل العشي مدير مختبر الدفع النفاث JPL التابع لوكالة الفضاء الأميركية ناسا في حديث لـ"راديو سوا" أن المسبار كيوريوسيتي سوف يقوم بالبحث عن مواد عضوية تكشف عن احتمال وجود حياة في الماضي على المريخ، ومن ثم يمكن أن يلقي الضوء على كيفية تطور الحياة على الأرض، كما أكد على الأبعاد العملية للمشروع على حياة البشر.

وقد هبط المسبار كيوريوسيتي على سطح المريخ ليل الأحد الماضي بعد أن جاب الفضاء لأكثر من ثمانية أشهر وقطع 566 مليون كيلومترا قبل دخول الغلاف الجوي للمريخ. وقد قام مختبر الدفع النفاث في ولاية كاليفورنيا والذي يرأسه العشي بالتخطيط والتحكم بمسار المسبار.

وعن مهمة كيوريوسيتي قال العشي: "لقد قمنا بتنزيل روبورت بحجم السيارة تقريبا، وعليه العديد من المعدات التي يمكن أن تقوم بتحليل طبيعة أرضية المريخ، وما إذا كانت هناك مواد تكشف عن حياة في الماضي. فالمريخ من عدة ملايين سنة كان يحوي بحرا مثل البحار الموجودة على الأرض، أما الآن فليست هناك بحار. فالسؤال الذي يسأله العلماء هو أنه حين كان هناك بحر فهل كانت هناك حياة بدأت على المريخ وحين اختفى البحر اخفت الحياة؟ وهذا هو هدف الأبحاث الحالية التي نقوم بها".

أما عن ما تم اكتشافه حتى الآن عن المريخ فيقول العشي: "اكتشفنا في الروبوتين "سبيرت" Spirit وأبوتيونتي" Opportunity الذي أنزلناهم على المريخ منذ ثماني سنوات أنه منذ 100 إلى 200 مليون سنة كان هناك بحر على المريخ. السبب الذي يجعلنا نعرف ذلك بالتأكيد هو أننا حين ننظر إلى الصخور على المريخ نراها صخورا تحولت من بيئة كانت فيها بحر. نرى ذلك كثيرا في مصر مثلا، هناك أماكن نستطيع أن نعرف أن بحرا كان بهذه المنطقة، لأننا نجد مواد مثل الأملاح التي أتت من بحر منذ فترة طويلة، مع أن البحر ليس موجودا الآن. أكدنا مع "سبيرت" و"أبوتيونتي" أن عدة بحار كانت المريخ. والسؤال الآن هو هل كانت هناك حياة. وهذا ما يهدف إليه كيوريوسيتي؟"

واسم اسم كيوريوسيتي الذي يعني بالإنكليزية "الفضولية" هو مسمى على عملية الكشف والبحث عن حقيقة كوكب المريخ وطبيعة أوجه شبهه بالأرض. في ذلك، يقول العشي: "يقوم كيوريوسيتي بالمقارنة بين المريخ والأرض لنرى لماذا تقدمت الحياة على الأرض وهناك الآن بشر مثلنا، وتقدمت هذه الحياة عبر ملايين السنين، غير أن المريخ لم يحو مثل هذه الحياة. فالبحر كان موجودا في المريخ وعلى الأرض. لماذا تقدمت الحياة على الأرض وليس على المريخ؟"

إلا أن العشي يؤكد أن مثل هذه الأبحاث سوف تستغرق عدة سنوات لأن الأبحاث العلمية تبدأ بدراسة الأشياء الأساسية أولا. ويضيف: "لقد بدأنا منذ عشر سنين بإرسال "سبيرت" و"أبوتيونتي". والسؤال الذي سألناه هو هل كان هناك بحر على المريخ. والآن بما عرفنا بوجود بحر، فالسؤال الثاني الذي يسأله كيوريوسيتي هو هل هناك مواد عضوية على المريخ؟ نأخذ عينات ونضعها بمختبرات كيميائية على المركبة ونقوم بتحليل كيميائي لها لنرى مكوناتها وما إذا كانت تحوي مواد عضوية".

كما أشار العشي إلى المشروع الثاني الذي بدأ مختبر الدفع النفاث بدراسته هو الذهاب إلى المريخ وإرجاع عينات مواد إلى الأرض ليستطيع العلماء دراستها في مختبرات على الأرض بتحليل أكثر دقة. وسيكون ذلك بعد عشر سنين تقريبا من الآن. إذ عادة يستغرق مشروع كهذا ما بين ثماني إلى عشر سنوات ما بين بدء المشروع حتى إرساله إلى المريخ، وفقا للعشي.

وعن إمكانية إرسال أناس إلى المريخ كما أرسلوا إلى القمر، قال: "هذا ليس بعيدا، ففي المستقبل يمكن أن يكون ذلك. أعتقد أن ذلك قد يحصل بعد 20 أو 30 سنة من الآن. فحتى نستطيع إرسال شخص إلى المريخ، يحتاج إلى تسعة أشهر للوصول من الأرض إلى المريخ وتسعة أشهر للعودة إلى الأرض، فهذا يعني مدة سنتين تقريبا. التحدي هو إرسال شخص لمدة سنتين مع كل المأكولات والأدوية وغير ذلك من الحاجيات معه. وإذا أرسلنا شخصا سنرسل أربعة أو خمسة أشخاص وليس شخصا واحدا فقط. ولا بد من إرسال مركبة مجهزة بكل شيء مثل مركبة الفضاء الدولية الموجودة الآن حول الأرض، وهذا مشروع كبير، لكننا نستطيع أن ننجزه".

وأكد العشي أن هذا الإنجاز العلمي له أبعاد كبيرة وسينعكس على الحياة العلمية والعملية للبشر، فعلاوة على الاكتشافات بشأن كيفية نشوء الحياة وتقدمها في البيئات المختلفة سواء على الأرض أو المريخ، وكيفية تطور الأرض بالمقارنة بتطور المريخ من الناحية الجيولوجية والكيميائية، فإن لمشروع مثل هذا تأثيرا على التكنولوجيا العملية للبشر. يقول العشي: "حتى نستطيع أن نطور هذه المشاريع لا بد أن نقوم باختراعات تكنولوجية. وهذه الاختراعات يمكن أن يتم استخدامها في الحياة اليومية. فمثلا، التلفون الخلوي الذي نستخدمه يقوم على تكنولوجية طورناها نحن منذ 20 سنة حتى نستطيع الاتصال بالأقمار الصناعية. ثم أخذت الشركات هذه التكنولوجيا واستخدمتها في التلفونات. مثال آخر هو تكنولوجيا تحديد الموقع العالمي GPS التي نستخدمها في السيارات، قمنا بهذا التقدم التكنولوجي منذ 15 أو 20 سنة لنعرف أين الأقمار الصناعية ومركزها بالتحديد، ثم قامت الشركات بتطبيقات للاستخدامات العامة. كذلك الكاميرا الموجودة في التلفون الخلوي قامت على اختراع تكنولوجي طورناه منذ 10 أو 15 سنة للكاميرات التي نضعها في الأقمار الصناعية التي ترسل إلى الفضاء، أما الآن فيستخدمها الناس في تلفوناتهم".

وعن جو العمل في فريق كيوريوسيتي، يصف العشي مشاعر الغبطة والفرح التي عمت العلماء حين هبط كيوريوسيتي بنجاح على المريخ، فقد كان هناك نحو 400 أو 500 مهندس وعالم يعملون عليه في مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion Laboratory، ولم يكونوا يعرفون بالتحديد ما إذا كان كل شيء سيسير على ما يرام، فكان هناك توتر رغم مشاعر الحماس والشوق. يصف العشي جو المختبر بالقول: "حين كنت في غرفة عمليات البعثة كان هناك 40 مهندسا تقريبا اشتغلوا على عدة مجالات من المسبار. سمعنا أن الباراشوت فتح وأطلق الصاروخ وحين لمس السطح كانت المشاعر هياجة، فهناك من كانوا يبكون وهناك من كانوا يضحكون وهناك من يتعانقون. العمل هذا جار منذ ثماني سنوات لكنه من شبه المستحيل تحقيقه غير أننا حققناه".

وقد ولد العشي في الرياق في قضاء زحلة في لبنان. ودرس في مدرسة الراهبات في زحلة ثم في معهد الرسل ثم في الكلية الشرقية في زحلة.

وعن جذوره اللبنانية، يقول العشي: "مع أنني أميركي الآن، إلا أنني من الناحية العاطفية ما زلت أعتز بأصلي اللبناني. لدي أخ وأخت في لبنان وأخ آخر هنا في أميركا. ما زلت أتذكر لبنان جيدا وأحبه ومناطق الشرق الأوسط بشكل عام".

ويشغل العشي منصب رئيس مجلس أمناء الجامعة اللبنانية الأميركية، وهو في مجلس المستشارين في جامعة الملك عبد الله في جدة وجامعة الملك فهد في الدمام في المملكة العربية السعودية. في ذلك يقول: "أنا أذهب وأحاول مساعدة الجامعات في الشرق الأوسط والتلاميذ في الشرق الأوسط لأن واحدا من هؤلاء التلاميذ قد أن يكون في المستقبل مسؤولا عن ناسا أو مسؤولا عن الأبحاث الفضائية في الشرق الأوسط، وقد تكون البنت التلميذة الآن واحدة ممن يذهبون إلى المريخ بعد 20 أو 25 سنة".

ويصف العشي زيارة قام بها إلى بيروت منذ خمس سنين بالقول: "التقيت بكل التلاميذ الذين كانوا معي في الشرقية وتناولنا الغداء معا. فرحت كثير لرؤية أصحابي الذين كنت معهم منذ 55 سنة. أنا عادة أذهب إلى لبنان لكي أعطي شيئا في المقابل للشرق الأوسط".

B

0 التعليقات:

إرسال تعليق